ليفترض شخص ما أن أسرته بكاملها قد أحاط بها الأعداء ومنع عنها المسكن والمأكل والمشرب، كيف سيكون حاله في هذا الموقف، خصوصاً إذا كان وحيداً ضعيفاً لا سند له أو نصير.. لاشك وضعه سيكون مأساوياً كوضع أسرته المحاصرة..
لكن أهل غزة حالهم أسوأ من المثال السابق أضعافاً مضاعفة؛ لأن إخوانهم المسلمين على ثلاثة أنواع:
- متألم لكنه عاجز ضعيف ليس من الأمر شيء.
- متجاهل لا يهمه من الأمر شيء.
- متواطئ لا يرجو لهم من الخير شيئاً.
- إضافة إلى ما يتعرضون له من شتى أنواع الحروب والتنكيل والاضطهاد..
قبل أن نلوم العدو نلوم أنفسنا، فبسلوكنا وإخلادنا إلى الأرض سهلنا للعدو أن يبطش بأهل غزة كما سهلنا له احتلال فلسطين، مثلما سهلنا لأعداء آخرين أن يعيثوا فساداً في عالمنا الإسلامي.
نلوم أنفسنا قبل أن نلوم أعداءنا؛ لأن العدو لا ننتظر منه سوى الشر، ولهذا فهو عدو..نلوم أنفسنا؛ لأننا الذين عادينا ذاتنا فاجتمع علينا عدوان، عداؤنا لأنفسنا وعداء الآخرين لنا..وإذا كان الدمار لازماً من لوازم العداء فما فعلناه بأنفسنا يدخل في ذلك: أهملنا ديننا، فرقنا صفوفنا، أصبح بأسنا بيننا، لجأنا إلى لأعدائنا..
قبعنا خارج حصوننا دون مفاتيح، فجاء العدو ليكسر أقفال حصوننا ويدخلها محتلاً ناهباً مستوطناً باطشاً..وها نحن في العراء ودفعنا بأهل غزة وغيرهم كثير للعيش مثلنا بل أسوأ من ذلك..وبالتالي فالتصالح مع النفس روحياً ومادياً يزيل إحدى جبهات العداء من أمامنا حتى نتمكن من مواجهة بقية الأعداء.